Sunday, May 19, 2013

الحلم المؤجل 3 - الغوص

 
لم اكن اعلم انني وبمجرد ان اخترق الخط الفاصل بين الهواء والماء في تدريبي الاول على الغطس في البحر سأصبح كمن يخترق الحاجز الفاصل بين الواقع والحلم.  لا اعرف كيف اصف دخولي في هذا العالم السحري، كيف اصف الانتقال إلى عالم آخر مختلف كلياً عن اي شئ رأيته في التلفاز أو قرأت عنه، أنه ساحر وصافي وصامت ومهيب بشكل لم اختبره من قبل شاسع وغني وغامض وجذاب إلى حد السكر
لقد امتص بزرقته النقية كل توتر او قلق وكآبة علقت وتراكمت بعصبي ولحمي وعظمي
لا اعرف كيف اصف سحره وغموضه لقد غوصت في ماء ازرق حي احتواني وتغلغل في اعماق نفسي ، طهرني ثم هدهدني بتياراته المنتظمة
صفي بصري بجماله والوانه، لم تكن الالوان تحت الماء عادية لقد كانت عميقة وقوية وجذابة بشكل يسكر عقلك
احسست انها تذوب في الماء الازرق وتمتصها عيناي فتغسلني من الداخل وتبعث في دواخلي التفاؤل والتجديد 
 لقد تفتحت حواسي كلها باستسلام تام لتنهل من هذا الجمال فرحت اتنقل بين المرجان والاسماك محاولة اشباع روحي من هذه المتع الطبيعية الحية من حولي
 
 
 
لم اكن اعلم ان للغوص القدرة على شفاء الارواح والاجساد من كدر الدنيا، لقد شعرت لولهة امام احد الشعب المرجانية التي لا اعرف كيف اصف شكلها والوانها بأنه قد حدث بينى وبينها اتصال روحي خفي مررت لها الكثير من الدهشة والاعجاب بتجلي قدرة الخالق فيها، فمررت نحوي فيض من السكينة والاسترخاء حتي اني لم آت بحركة لأحفظ توازني ونسيت حتى ان اتنفس ورحت اهبط نحوها ببطء كالمنومة مغنطيسيا وكدت ان اطأها بقدمي ولكن ايقظتني رئتاي من هذا الانخطاف اللذيذ بدعوى نفاذ مخزونهما فزفرت وحركت زعانفي بسرعة لارتفع عنها واتابع رحلة اكتشافاتي
 
 
 
ان اغوص في اعماق البحر برفقة الدلافين كان منتهى احلامي او اكبرها ولكن علمني البحر انه حلم محدود بحدود خيالي وتجربتي، وانه (اي البحر) اكبر من ان اتخيله ومن ان يضمه حلم من احلامي 
 

 
 
 
 
 

عندما اشار مدربنا لنا بالصعود إلى السطح في ذلك اليوم، تمنيت ان ابقى لفترة اطول، وان اكون قادرة على اعادة هذه التجربة المذهلة مرات ومرات
 
 
 
 

الحلم المؤجــل 2- سباحة

اثناء بحثي في الانترنت وقعت عيناي علي تشكيلات ما يعرف بالبوركيني (ثياب سباحة للمحجبات)، عادت بي الذاكرة إلى مرحلة الطفولة ولاحت امام مخيلتي صورتي وانا واقفة إلى جانب شقيقتي أمام حوض للسباحة يضج بالصغار والكبار ثم توجهت نحونا ابنة خالتي وكانت تحاول  ان تدفعني نحو الحوض وانا اقاوم ذلك.   ولا اذكر ما حدث بعدها بل ولست متأكدة من ان هذه الذكرى حقيقية او خيالية إلا ان احدهم قد أكد لي انني تعرضت لحادثة غرق وتم انقاذي بواسطة شرطي كان متواجدا في تلك الساعة بالقرب من مسرح الجريمة ولله الحمد والمنة إلا أنني لا اذكر هذه الحادثة مطلقاً.
 
 

ثم بدا لي ان اتخلى عن هذه الفكرة ولكن سرعان ما اتصلت باحد نوادي السيدات للاستفسار عن تعليم السباحة وكان الرد مبشرا فهناك مدربات ذوات خبرة وكفاءة عالية على مدار الاسبوع، والاسعار في متناول الجميع، كما اكدوا لي ان المرء لا يحتاج لاكثر من ثمانية حصص ليتقن السباحة، وحجزت اقرب موعد حتى لا اترك مجالا للتراجع. وبدأت فورا بإعداد حقيبة رياضية بالمستلزمات التالية
 



 
 
 
وفي اليوم المحدد راجعت خريطة الطريق إلى النادي وكان الوصول له اسهل مما توقعت وحفظت الطريق من اول مرة، لم اتوقع ان يكون النادي بهذه الفخامة والجمال والهدوء في الواقع تخيلت ان يكون هناك شئ من التراخي في مسائل النظافة والاهتمام بالديكورات او الخدمات المتاحة ولكن على العكس  تماماً بل وكانت خدمة العملاء  متميزة للغاية وهذا من اهم الاشياء عندي ويأتي بالمرتبة قبل الاولى
 
المهم بعد الجولة التعريفية بمرافق النادي وخدماته عرفتني موظفة الاستقبال على مدربتي والتي بدورها شرحت لي اكثر عن المرافق الخاصة بالسباحة والقوانين وضوابط السلامة وشعرت عندها بارتياح اكثر للموضوع مع ان مخاوفي لم تتركني بشكل كامل بعد
وجائت لحظة المواجهة مع حوض السباحة والحمد لله كان الموضوع سهلا للغاية خاصة وان مشكلة دخول الماء للأنف يمكن تفاديها باستخدام نظارات الغطس وتدربنا في المنطقة الضحلة من الحوض  وبدأنا بالاحساس بعمق الحوض وارتفاع الماء بالنسبة لطولي من خلال الانتقال من جانب لأخر مشيا داخل الحوض ثم وبدأنا بمحاولة الامساك بحافة الحوض ومحاولة الطفو على سطح الماء و ياله من شعور ممتع ان تترك جسدك  للماء ليرفعه وينزله وصوت الماء سبحان الله يبعث الهدوء والراحة والتجديد في النفس
 
ثم طلبت المدربة بعد ذلك ان نترك حافة الحوض ونمسك بعوامات صغيرة ونكرر المحاولة ثم ان نكرر المحاولة وقد بسطنا اذرعنا تماما وغمسنا وجوهنا في الماء وكنا نرفع للتنفس ثم نرجع للوضعية السابقة وكان هذا امرا سهلا خاصة واننا في مياه ضحلة ونرى قاع الحوض بوضوح ثم طلبت المدربة ان نترك العوامات ونرجع للوضعية السابقة مع محاولة الاسترخاء ومراقبة قاع الحوض
 طبعا هنا الاحساس جميل شعرت كأني خلاص اعظم سباحة واشجع امرأة
كنت اطفو بارتياح كبير وارفع وجهي للتنفس فقط واعاود الاسترخاء من جديد وخشيت ان يمر الوقت وتنتهي سعادتي بسرعة
 
اصبحت آتي قبل التدريب بساعة تقريبا لاتمرن على ما تعلمته في الحصص السابقة واستمتع طبعا. داخلني بعض الحذر عندما انتقلنا للتدريب في المنطقة العميقة من الحوض ولكن سرعان ما زال ذلك مع الايام وبدأت الاستمتاع بكل الحركات الي كنت اتوق لتنفيذها في حوض السباحة او في البحر على الشاطئ المخصص لنادي السيدات
 
 


وبناهية الدورة التدريبية على السباحة تم منحنا شهادات تدريبية كما سمح لنا بالسباحة في مياه البحر على الشاطئ الخاص بنادي السيادات وهو ما كنت اتطلع اليه بشدة.